Archive for the ‘Literature’ Category

لا أحد يجيب في موسكو

سبتمبر 30, 2007

 

-1-

للمرة الألف رقم هاتفها لا يجيب…‏‏
فقط كنت سأسألها عن صحتها، وعن السيلان الذي كانت تعاني منه، وأطمئنها أن كل الرفاق تعافوا منه بعشرين إبرة في مؤخراتهم المغبرة، فقط كنت سأسألها عن الثلج الذي قالت أنه يتراكم فوق منزلها طوال العام، وعن الساحة الحمراء، والصواريخ النووية، والعمال، والفلاحين، والقطارات، والغواصات، والعدالة الاجتماعية، وطابور المؤسسات، وعن صحة ستالين، و" دماغ لينين "، وعن السيد كوماكوف والدها الذي أصيب بجلطة دماغية من شدة كراهيته لأميركا، وكنت سأشكرها بحرارة على مواقف بلادها المبدئية من بلادنا، وأؤكد على الروابط العميقة التي تجمع الشعبين، وألفت نظرها إلى التشابه الفريد بين أحرف اسمي البلدين، وأن لطائراتهم، ودباباتهم، وناقلاتهم للجنود، وسيارات الجيب واظ، واللادا، فضل كبير، وأن المنشورات التي كانت تلقيها علينا طائرات الهوليكوبتر في أعياد العمال والفلاحين والكادحين والمعلمين والمصانع والشجرة وحركات التحرر العالمي، ما تزال مزروعة في وجداننا، وأني سأبقى ممتناً لها على آلاف شهادات الدكتوراه والماجستير التي وردتنا من بلادها العتيدة .‏‏‏‏‏‏
لو أنها ترفع سماعة الهاتف… فقط لأستفسر عن شروط الحصول على الجنسية، وأحدثها عن صورة كارل ماركس الذي كنت أعتقده جدي، وعن الكتاب الأحمر، والمبادئ العشرة، وكيف أن كل أصدقائي القدامى كانوا قبل أن يصابوا بأزماتهم النفسية، شيوعيين حتى العظم، يطلقون لحاهم ويعزفون على الجيتار ويشربون الفودكا، ويضاجعون الرفيقات قبل الاجتماعات وبعدها على أسرّة السكن الجامعي، وبغمضة عين تحولوا جميعاً إلى مجاهدين في أفغانستان يبغون مرضاة الله والشهادة.‏‏‏‏‏‏
فقط كنت سأذكرها أن تضع لي وردة على قبر دستويفسكي، وورقة صغيرة أرسلتها معها على قبر تشيخوف، وأن ترسل لي نسخة من فيلم "الغجر يصعدون إلى السماء"، ومنظار، ولتر سميرانوف أصلي، وسأقول لها كم كنت مجحفاً بحقها حين رفضتُ مساعدتها بـ" التشينج فيزا" ولم أرسل لها بطاقات الهاتف مدفوعة الثمن، وأن المدينة هنا لم تعد تطاق، وأنها كانت ولا تزال أجمل النساء وألطفهن، وأن لأيامي معها نكهة الحياة وحبوب النعناع التي كنا نبتلعها قبل صعودنا إلى السرير، وأني اشتريت كتاب تعلم اللغة الروسية بخمسة أيام . . . فقط لو أنها تجيب لأقول لها خرشو… خرشو…فقط أن تجيب لمرة واحدة فقط.‏‏‏‏‏‏
ألوا …هل يسمعني أحد في موسكو .

-2-

لأنها لم تجد من يستجيب لها في ذلك الليل، ولأنه لا أحد يجيب في موسكو، استسلمت للّصوص الذين سرقوا ذهبها وتحويشة العمر التي جمعها زوجها الذي مات موصياً إياها أن تبني لابنهما الوحيد حين يعود من روسيا منزلاً صغيراً، وأن تزوجه فتاة مكسورة العين منتوفة الريش.‏‏‏‏
في الصباح اجتمع الناس متأسفين على ما جرى، حالفين بأغلظ الأيمان أنهم لم يسمعوا شيئاً، ضربوا أكفهم ببعضها البعض، وأخرجوا خناجرهم، وبنادقهم المرخصة وغير المرخصة، متعاهدين على حماية هذه الأرملة الوحيدة، فهي أمانة بأعناقهم، وقرّروا وضع حارس بصفارة توقظ أهل الحي والأحياء المجاورة.‏‏‏‏
ولولت المرأة، وكشفت شعرها صارخة حتى انتفخت عروق رقبتها وازرقت دون جدوى، ولأن لا أحد يجيب في موسكو، لم تجد بداً من الاستسلام للّصوص الذين سرقوا هذه المرة التلفاز، وغسالة الثياب، والبراد الذي لم تكمل أقساطه، وخلاط المولينكس الذي لم تستخدمه غير مرة واحدة كنوع من التدريب.‏‏‏‏
رجال الحي لعنوا حظهم ونومهم الثقيل، وهددوا بطلاق نسائهم إن تكرر الأمر مرة أخرى، أما الحارس أبو صفارة الذي غلبه النوم، والنوم سلطان، طبقوا عليه حد التخاذل، بالجلد خمس جلدات وألا تقبل حراسته مرة أخرى، ولأن الرجال أكدوا للمرأة أن الشرطة لن تفعل أكثر من السين والجيم وتقيّد الحادثة ضد مجهول، رضخت لخطتهم بعد أن أعطوها مشغلاً لاسلكياً لأذان الجامع المجاور، فالأذان سيوقظ أهل المنطقة بأسرها، وسيمزقون اللصوص إلى أصغر قطع ممكنة.‏‏‏‏
اللصوص هذه المرة، وبعد استسلام المرأة التي لم يجبها أحد في موسكو، سرقوا أثاث المنزل ولم يتركوا غير حصيرة صغيرة وفرشة إسفنجية قديمة، وأهل الحي الذين اشتد غيظهم وضعوا المسؤولية في ذقن إمام الجامع لأنه لم يضع بطاريات في مشغل الأذان اللاسلكي، ولعنوا الدولة التي تشغلهم كالحمير، حتى إذا ما ناموا عجزوا عن سماع استغاثات جارتهم الأرملة الوحيدة.‏‏‏
المرأة التي سلمت أمرها لربها، بعد أن رأت ذهبها في أيدي نسوة الحي، وأغراضها متوزعة بين المنازل المجاورة، ويئست من أن يجيبها أحد في موسكو، لم تجد حين دخل اللّصوص منزلها إلا كشف عورتها الغليظة والرقيقة، لأنها لم تعد تملك أي شيء ليسرق، لم تصرخ ولم تولول، ولم تجرب الاتصال، فقط استلقت على فرشتها الإسفنجية جاهزة لاغتصاب جماعي وشيك، لكن اللّصوص غضوا أبصارهم، نزع أحدهم معطفه ورماه عليها، كل شيء إلا انتهاك أعراض الناس، استغفروا ربهم، وصاموا خمسة أيام بعد أن أطعموا عشرة مساكين من بعض المؤونة التي وجدوها في المنزل، وقرروا طرد هذه الأرملة من الحي، فهي سيئة، وتفتح رجليها لمن هبَّ ودب، مؤكدين وهم يتقاسمون ثمن منزلها أن المرأة العفيفة تضحي بحياتها دفاعاً عن شرفها.‏‏‏‏
في موسكو كانت الأمور تسير من سيء لأسوأ، ضاع الولد أو قتل بعد أن تطوع ناقماً من ضياع أحلامه مع المجاهدين في الشيشان، بينما راحت الأم التي فقدت عقلها، تستجدي المساعدة على أبواب السفارات، والجوامع، والكنائس ذات الأجراس الكبيرة

 

بقلم : أيلول سكيف

 

Эх, любовь, любовь ..

جانفي 9, 2007
 
 
В разлуке есть высокое значенье:
Как ни люби, хоть день один, хоть век,
Любовь есть сон, а сон — одно мгновенье,
И рано ль, поздно ль пробужденье,
А должен наконец проснуться человек
 
 
                                                                                         ТЮТЧЕВ, 1851
 
 
 

ما أقسى الرجوع إليه

ديسمبر 20, 2006

حدث في أحد شوارع المدينة المكتظة بالصخب واللهاث ، أنه في يوم من آخر أيام الصيف ، توقفت فجأة سيارة أجرة صفراء كانت تقل عاشقين في مقعدها الخلفي … ثم ترجلت الفتاة من السيارة التي فتح بابها الأيمن بعنف لا يقل إثارة للانتباه عن عنف الصفعة التي ودعت بها الفتاة الشاب في تلك اللحظة ، قبل أن تمضي مسرعة لتغيب وسط جموع المارة .

    هل كان شجاراً أو خلافاً على مسألة تافهة؟ هل قال ما جرح كرامتها؟ وهل كانت على صواب إلى الدرجة التي يتوجب عليها أن تثأر لكبريائها على الفور وبهذه الطريقة المفاجئة كما بدت لبعضهم ، والمألوفة كما اعتبرها البعض الآخر؟!

كل شيء حولها بدا مسرعاً ، وكأن السيارة حين توقفت ، تبادلت السرعة والثبات مع كل ما دونها من حجر وبشر وجماد .

    كل شيء حولها بدا مضطرباً ، غائماً ، رجراجاً : الخطى ، الطريق ، الأرصفة ، الشوارع ، واجهات المحلات والأبنية ، وعبارات الغزل التي كانت تتطاير كما الشرر في عينيها المتقدتين بالغضب .

    تفتح باب البيت بمفتاح مضطرب كما لو أنه يسيل زئبقاً بين أصابعها ، تدخل مسرعة إلى غرفتها ، وترتمي على السرير ثم تجهش ببكاء مر .

* * * * *

    كان يتعمد إهانتي!

لا تفسير للأمر غير ذلك … لا تبرير له . للمرة الثالثة يناديني باسمها … للمرة الثالثة تستعير شفاهه ذلك الاسم من ذاكرة متواطئة مستلبة .

كيف لي ألا أشعر بضآلة حضوري أمام سطوة غيابها؟!

كيف لي أن أرد هذه السطوة عن زمني ، كيف لي أن أحتج سوى بهذه الطريقة وقد اشتعلت شهوة الانتقام في كل ذرة من جسدي؟

    تكفكف اضطرابها ، تنشر التعب على صدر وسادتها ، ثم تنهض كلبوة جريحة :

إذا تجرأ على الاتصال بي فلن أرفع سماعة الهاتف ، سأنتشي برنينه الملحاح وهو ينتظر أن أرد عليه دون جدوى . وإذا تجرأ أكثر وأتى إلى هنا فسأغلق الباب في وجهه ، سأطرده بلا وازع من حب أو  شفقة وسأجعله يتمنى لو لم يعرفني!

* * * * *

    لا أعرف كم من الوقت مضى .

ساعة .. ساعتان .. ثلاث .. بالتأكيد لن يتجرأ على الحضور بعد الآن . ما زال مرتبكاً مما حدث ، لا يعرف كيف سيستجمع شتات مشاعره وأفكاره ، لا يعرف كيف سيجد مبرراته الواهية ، وكيف سيصوغ عبارات اعتذاراته المفعمة بالتوسل والرجاء ، لكنه سيحاول الاتصال بي ، أعتقد أنه يحوم حول الهاتف ، يضرب الرقم ثم يغلق السماعة من شدة الحيرة والارتباك .

    إذا اتصل ليعتذر فسأرد عليه ، وأقول له ما كان يجب أن أقوله منذ سنوات ، منذ انتشلته حطاماً يعاني – مع حبه الأول – سكرات النزاع الأخير … ثم سأقرر : آسفة اعتذارك ليس مقبولاً … لا قيمة له!

* * * * *

    ها قد انقضى هذا اليوم …

سأمنحه فرصة إلى الغد فقط ، فرصة الحديث معي أو رؤيتي للمرة الأخيرة في حياته … سيكون يوماً مشهوداً لن ينسى ، سأثأر فيه من قهر كل السنوات التي أضعتها معه!

* * * * *

    في اليوم التالي تأتي إلى عملها متأخرة على غير العادة .

(هل اتصـل بي أحد؟) تسأل زميلتها . إذا حاول الاتصال بي إلى هنا فسأقول له إن هذا مكـان عمل … والهاتف ليس مخصصاً لمناقشة مشكلات العشاق الفاشلين أمثالك … إذا أردت الحديث اتصل بي في البيت . أما إذا انتظرني أمام الباب بعد انتهاء الدوام الرسمي ، فسأقابله بجفاء ، وسأمشي معه على الرصيف بنفور واضح ، ثم أستمع إلى اعتذاره بصمت دون أن أنبس ببنت شفة!

* * * * *

    إذا أتى اليوم أو حاول الاتصال فلن أرد عليه بجفاء تام ، سأستمع إليه ، ربما سأصمت كثيراً ، ربما ستفلت مني كلمة قاسية على غير العادة لكنني لن أتمادى في قطيعتي .. يكفي أن يعتذر .

* * * * *

    إذا أتى هذا الأسبوع فلن أقسو عليه .

سأقبل اعتذاره الرقيق … تكفي ابتسامة عتب ، أو بعض عبارات اللوم التي يداري بها العشاق زلاتهم ، ويغفرون إثرها أخطاء بعضهم .

* * * * *

    إذا تمكن من تجاوز خجله والاتصال بي بعد كل هذه المدة ، سأقبل اعتذاره على الفور .

سأطوق ندمه بابتسامة امتنان ، سأقول له إن وفاءه لحبه الأول على هذا النحو ، واستسلامه الأليف لذكراها بعد كل هذه السنوات خليق أن يزيد من إعجابي وتقديري له … بغض النظر عن موقعي في حياته الآن ، وموقعه الهام في حياتي!

* * * * *

    مضى الصيف آخذاً معه حريق الترقب ولهيب الانتظار .

جاء الخريف وتساقطت على دروبه الذهبية مبررات الاعتذار التي كانت تدافع عنها ، ثم لا تلبث أن تستسلم دونها .

رحل الشتاء … وأطل الربيع ، واعتذاره المنسي صار سراباً في صحراء الإياب .

هي الآن لا تطلب ضماداً لجرح كبريائها … لا ترتجي عزاءً لعودتها الهادئة إليه ، واستسلامها اليائس على أعتاب حياته من جديد بعد أن خذلتها الأشواق .

(أشتهي فقط أن أصحو من وهم أنه لا بد سيأتي اليوم الذي سيعتذر فيه ؛ ذلك الاعتذار الرقيق الذي ينعش أرواح العشاق المتعبة ، وينفض عنها الغبار … ذلك الاعتذار المضمخ بالحب العامر بالرجاء). 

 

 

محمد منصور

 

الفراشة

نوفمبر 23, 2006
 
أذكر ذات صباح، أني اكتشفت شرنقة في قشرة شجرة، وفي لحظة كانت الفراشة تكسر جدارها وتستعد للخروج منها. انتظرت طويلا لكن الفراشة تأخرت في الخروج. وبعصبية، لا . وبعصبية ، انحنيت عليها وأخذت أدفئها بحرارة زفيري وأنا فاقد الصبر . فبدأت المعجزة تحدث أمامي، ولكن بنمط أسرع من النمط الطبيعي. وتفتحت القشرة وخرجت الفراشة وهي تزحف. لن أنسى فظاعة ما رأيته حينذاك: لم يكن جناحاها قد افترقا، وكانت جميع أجزاء جسمها الصغير ترتجف، والفراشة تجهد في فتح جناحيها. فانحنيت فوقها وحاولت مساعدتها بنفسي ولكن بدون جدوى. كانت تحتاج إلى نضوج صبور، وفتح الأجنحة يحتاج إلى دفء الشمس ليتم ببطء. ولكن الأوان قد فات الآن. لقد أجبر تنفسي الفراشة على الخروج من الشرنقة وهي ترتعش، قبل موعد نضوجها. كانت تهتز فاقدة الأمل. وبعد ثواني، ماتت وهي في راحة يدي. م
 
 
 
من رائعة نيكوس كازنتزاكيس "زوربا "م

 

 

 

يا قمر على دارتنا

نوفمبر 22, 2006
صباح فيروزي .. برائحة المطر
نوفمبر بارد .. نقي .. وردي
ينعش أجزاء ذاكرتي
صوتها العذب .. ينساب إلى خلايا الذكريات

يا قمر على دارتنا
يا حكاية سهرتنا
يللي فتنتنا
حلوة يا جارتنا

خلف أشجار الكينا
محمول بعبق السرو
هناك بعيداً عن الجسد
قريباً من الروح
يزهر السوسن .. وشقائق النعمان

يا قمر على دارتنا
عتلالك ليلتنا
رقصة حملتنا
و صوبك أخدتنا

ليل غريب ينجلي
وتظهر أشعة الحب
في سماء الوطن القابع
وراء بعد المسافة

شفناك ميلنا
بهالليل و سألنا
تاريك حاببنا
و ما بتقول
شو زعلنا

تنشر الشمس جزئيات عشقها
فيروزية .. حلبية
وليلة غربة تلي خمس سنوات
من التشرد والحيرة

و القمر على دارتنا
حكاياتو بسهرتنا
رقصة حملتنا
و صوبو أخدتنا

أغدٌ ينتظرني بعبوسه من جديد
أم السفر يحملني بطياته
إلى حيث يسكن الحب
إلى حيث .. تهاجر السنونو

شرقيتي المعذبة
تصرخ مكبوتة .. منسية
في بلاد .. ليست بلادي
بين ناس .. أهلي, وليسو أهلي

والسماء تجمعني
السماء فوقي , هي تلك التي فوقك
وفوق حبي
وفوق وطني

أإذا الزمان فرّقنا …
فيروز والسماء والصباح .. وما تبقى لي من شتات ذكريات طفولة … يجمعوننا ؟!!

 

 

 

 

 

 

استماع

الياسمينــــــــــــــــــــة

نوفمبر 6, 2006
يروى والعهده على الراوي حكاية..
من زمان..
لادري من مليون عام..
لادري اكثر
لادري قبل ابونا آدم ماتصور ..

مره ناشدت الدهر عنها تفطن ..تفطن.. تفكر.. ماتذكر
كانت الدنيا يباس وكل أراضيها صحاري ..
والعصافير الحزينه..
مشردة بكل البراري..
والنحل جوعان هايم
صرله مده على الاحلام ..
صايم…

من السما..
بالصدفه نزلت للأرض..
حورية حلوه ..
ضيَعت درب الحبيب.. ونزلت تدور عليه..
وتشفي قلب معذب بحر اللهيب ..
فتشت لكن خسارة..
لما عجزت دورت بالدنيا..
خلوه..
تبكي فيها..
والدم بالفرقا سلوى
وكانت القصه العجيبه….

 

دمعة نزلت ..
وردة بيضا فتحت..
رد دمعة نزلت.
وردة بيضا فتحت..
رد دمعه نزلت .. رد دمعة نزلت..
والورود تفتح .. بكل البراري..
والفراش لفوق علا .. والنحل ينزل بوادي…
والعصافير الحزينه..
زينت العشوش زينه..
زينت بورود جوري ومن زهور الياسمينه..

ودارت الدنيا الغريبه ..المره هذي كانت الصدفه..
رساله..
من شذا الأزهار وصلت .. للحبيب من الحبيبه ..
ارتعشت الذكرى بعيونو .. وشعلت شوقو وجنونو ..
وسافر بجنح الليالي يطوي كل عام بثواني ..
حتى وصل..
لما وصل ماوجدها .. شعرت بخوف لوحدها.. وسافرت دنيا بعيده تزهر الارض الجديده..
العاشق المسكين حامل ريشة وألوان عديده ..
أسرعت كل وردة بالارض انحنت ..
وتبسمت بسمة سعيده..

وردة طلبت لون خمري .. يشبه شفاف الحبيبه..
ووردة من لون الحلق.. ووردة من لون الثياب..
ووردة من لون العيون..ووردة لما يلون الخد العذاب..
ووردة من لون السما عند الغروب.. ووردة من لون الفراشات اللعوب..

وابتدا الفنان لون .. كل ورود الدنيا كلها ..
إلا وردة……….

الوردة هذي كان اسمها الياسمينـــــــــــــه.
ماقدر يوصل زهرها ..
راد منها تنحني .. رفضت إنها تنحني..
حتى ظلت أجمل و أحلى وعطرها يجدد الامال بينا..
وتهدي لصدور الصبايا من زهرها طوق زينه..
ومن هذاك اليوم صارت…

كل ورود الدنيا كلها .. تنحني..
للياسميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــنه..

 
 
 

 
استمع للقصيدة بصوت كاتبها "عمر الفرّا" من هنـــــــــــــــــا

العاشقان

أكتوبر 17, 2006
وأحس بها لصيقة به، أنفاسها تلفح وجهه وتفوح في جسده نشوة غامرة، فاستراح على صدرها مستسلما بتلذذ للدفء العذب المنبعث منها، والذي كان يتسرب برفق إلى خلاياه وعروقه.. أحبكِ، همست شفتاه.. أحبكِ، واخضلت عيناه حنانا.. أحبكِ، وتملكته رغبة جامحة في عناقها.. أرسل ذراعيه مباعدا بينهما، ثم طرحهما عليها بحركة انفعالية.. ارتعشت، تأودت، ثم استسلمت له.. فراح يزرع قبلاته العاشقة على وجهها.. أحس بها تذوب رويدا رويدا أمام دفق عواطفه.. ثم أحس أنه يذوب هو أيضا

استسلم لذوبانه بانفعال وادع.. ثم اختلط بها، صارت خلاياهما واحدة، صارا كلا واحدا، فاتحدت على شفاههما ابتسامة شفافة رائعة

حين طلعت شمس ذلك الصباح، تجمع الأصحاب حول جسد يعانق الأرض بعد أن أعطى دمه لترابها، ولاح للأعين المحدقة بهما أنهما يعلنان شيئا واحدا، عميقا جدا، ومؤثرا جدا، يحسه كل من يراهما، ولكن أبدا لا يستطيع تفسيره

 

 

بقلم : محمد توفيق الصواف

وراء وحدتي

أكتوبر 5, 2006

إن وراء وحدتي وحدة أبعد وأقصى
وما انفرادي للمعتزل فيها سوى ساحة تغص بالمزدحمين
وما سكوني للساكنين فيها سوى جلبة وضجيج
إنني حدثُ مضطرب هائم بعد ، فكيف أبلغ تلك الوحدة القاسية؟
إن ألحان ذلك الوادي تتموج في أذني،
وظلاله السوداء تحجب الطريق عن عيني.
فكيف أسير إلى تلك الوحدة العلوية؟
إن وراء هذه الأودية والتلال غابة حب وافتتان.
وما سكوني لمن فيها سوى عاصفة هوجاء صماء
وما افتتاني لعاشقيها سوى انخداع وغرور.
إنني حدثُ مضطرب هائم بعد ، فكيف أبلغ تلك الغابة القدسية؟
فإن طعم الدماء لايزال في فمي،
وقوس أبي ونشابه مابرحا في يدي،
فكيف أسير إلى تلك الوحدة العلوية؟
إن لي وراء هذه الذات السجينة ذاتاً حرة طليقة.
وما أحلامي في عقيدتها سوى حرب في ظلام ،
وما رغائبي تجاه رغائبها سوى قرقعة عظام.
إنني حدث مهان ذليل بعد،
فكيف أ:ون ذاتي الحرة الطليقة؟
أجل ، كيف أكون ذاتي الحرة الطليقة
قبل أن أثأر لنفسي فأذبح جميع ذواتي المستعبدة،
أو قبل أن يصير جميع الناس أحراراً طلقاء؟
إذ كيف تطير أوراقي مترنمة فوق الريح
قبل أن تذوي جذوري في ظلام الأرض؟
بل كيف يحلق نسر روحي طائراً أمام وجه الشمس
قبل أن تترك فراخي عشها الذي بنيته لها بعرق وجهي؟

 

 

 

جبران خليل جبران

 

تعود شعري عليك

أكتوبر 2, 2006

تعود شعري الطويل عليكْ
تعودت أرخيه كل مساءٍ
سنابلَ  قمحٍ على راحتيكْ
تعودت أتركه يا حبيبي..
كنجمة صيفٍ على كتفيكْ..
فكيفَ تمل صداقة شعري ؟
و شَعري ترعرع بين يديكْ.
***
ثلاثُ سنينْ..
ثلاثُ سنين..
تخدرني بالشؤون الصغيرَة..
و تصنع ثوبي كأي أميرة..
من الأرجوانِِ من الياسمينْ.
و تكتب إسمكَ فوق الضفائرْ
و فوق المصابيح..فوق الستائرْ
ثلاث سنينْ..
و أنت تردد في مسمعيّا..
كلاما حنوناً..كلاماً شهياً..
و تزرع حبَّك في رئتيّا..
و ها أنتَ..بعد ثلاث سنينْ..
تبيع الهوى..و تبيع الحنينْ
و تترك شعري..
شقياً..شقياً..
كطير جريح على كتفيا
***
حبيبي ! أخاف اعتيادََ المرايا عليكْ..
و عطري وزينة وجهي عليكْ..
أخافُ اهتمامي بشكل يديكْ..
أخاف اعتياد شفاهي..
مع السنواتِ, على شفتيكْ
أخاف أموتُ, أخافُ أذوب
كقطعة شمعٍ على ساعديكْ..
فكيف ستنسى الحرير؟
و تنسى..صلاةَ الحرير على ركبتيكْ ؟
***
لأني أحبُّكَ, أصبحتُ أجملْ
و بعثرت شعري على كتفيَّ..
طويلاً..طويلاًكما تتخيَّلْ..
فكيف تملّ سنابلَ شعري؟
و تتركه للخريف و ترحلْ
و كنت تريح الجبين عليه
و تغزله باليدينِ فيُغْزَلْ..
و كيف سأخبر مشطي الحزينْ ؟
إذا جائني عن حنانكَ يسألْ..
أجبني و لو مرةً يا حبيبي
إذا رُحتَ..ماذا بشعري سأفعَلْ ؟
 
 
 
 
 
 
نزار قباني
 

 

الكآبة الخرساء

سبتمبر 25, 2006


أنتم أيها الناس تذكرون فجر الشبيبة فرحين باسترجاع رسومه، متأسفين على انقضائه، أما أنا فأذكره مثلما يذكر الحر المعتوق جدران سجنه وثقل قيوده. أنتم تدعون تلك السنين التي تجيء بين الطفولة والشباب عهداً ذهبياً يهزأ بمتاعب الدهر وهواجسه ويطير مرفرفاً فوق رؤوس المشاعل والهموم مثلما تجتاز النحلة فوق المستنقعات الخبيثة، سائرة نحو البساتين المزهرة، أما أنا فلا أستطيع أن أدعو سني الصبا سوى عهد آلام خفية خرساء كانت تقطن قلبي وتثور كالعواصف في جوانبه، وتتكاثر نامية بنموه ولم تجد منفذاً تنصرف منه إلى عالم المعرفة حتى دخل إليه الحب وفتح أبوابه وأنار زواياه، فالحب قد عتق لساني فتكلمت ومزق أجفاني فبكيت وفتح حنجرتي فتنهدت وشكوت.
أنتم أيها الناس تذكرون الحقول والبساتين والساحات وجوانب الشوارع التي رأت ألعابكم وسمعت همس طهركم، وأنا أيضاً أذكر تلك البقية الجميلة من شمال لبنان، فما أغمضت عينيّ عن هذا المحيط إلا ورأيت تلك الأودية المملوءة سحراً وهيبة، وتلك الجبال المتعالية بالمجد والعظمة نحو العلاء، ولا صممت أذني عن ضجة هذا الاجتماع إلا وسمعت خرير تلك السواقي وحفيف تلك الغصون, ولكن هذه المحاسن التي أذكرها الآن وأشوق إليها شوق الرضيع إلى ذراعي أمه هي التي كانت تعذب روحي المسجونة في ظلمة الحداثة مثلما يتعذب البازي بين قضبان قفصه عندما يرى أسراب البزاة تسبح حرة في الخلاء الوسيع ــ وهي التي كانت تملأ صدري بأوجاع التأمل ومرارة التفكير، وتنسج بأصابع الحيرة والالتباس نقاباً من اليأس والقنوط حول قلبي ــ فلم أذهب إلى البرية إلا وعدت منها كئيباً جاهلاً أسباب الكآبة. ولا نظرت مساء إلى الغيوم المتلونة بأشعة الشمس إلا وشعرت بانقباض متلف ينمو لجهلي معاني الانقباض، ولا سمعت تغريدة الشحرور أو أغنية الغدير إلا وقفت حزيناً لجهلي موجبات الحزن.
يقولون إن الغباوة مهد الخلود والخلود مرقد الراحة ــ وقد يكون ذلك صحيحاً عند الذين يولدون أمواتاً ويعيشون كالأجساد الهامدة الباردة فوق التراب، ولكن إذا كانت الغباوة العمياء قاطنة في جوار العواطف المستيقظة تكون الغباوة أقصى من الهاوية وأمر من الموت. والصبي الحساس الذي يشعر كثيراً ويعرف قليلاً هو أتعس المخلوقات أمام وجه الشمس لأن نفسه تظل واقفة بين قوتين هائلتين متباينتين: قوة خفية تحلق به السحاب وتريه محاسن الكائنات من وراء ضباب الأحلام، وقوة ظاهرة تقيده بالأرض وتغمر بصيرته بالغبار وتتركه ضائعاً خائفاً في ظلمة حالكة.


للكآبة آياد حريرية الملامس، قوية الأعصاب تقبض على القلوب وتؤلمها بالوحدة. فالوحدة حليفة الكآبة كما أنها أليفة كل حركة روحية. ونفس الصبي المنتصبة أمام عوامل الوحدة وتأثيرات الكآبة شبيهة بالزنبقة البيضاء عند خروجها من الكمام ترتعش أمام النسيم، وتفتح قلبها لأشعة الفجر وتضم أوراقها بمرور خيالات المساء، فأن لم يكن للصبي من الملاهي ما يشغل فكرته، ومن الرفاق من يشاركه في الأميال، كانت الحياة أمامه كحبس ضيق لا يرى في جوانبه غير أنوال العناكب ولا يسمع من زواياه سوى دبيب الحشرات.
أما تلك الكآبة التي اتبعت أيام حداثتي فلم تكن ناتجة عن حاجتي إلى الملاهي لأنها كانت متوفرة لدي، ولا عن افتقاري إلى الرفاق لأنني كنت أجدهم أينما ذهبت، بل هي من أعراض علة طبيعية في النفس كانت تحبب إليّ الوحدة والانفراد وتميت في روحي الأميال إلى الملاهي والألعاب، وتخلع عن كتفيّ أجنحة الصبا وتجعلني أمام الوجود كحوض مياه بين الجبال يعكس بهدوئه المحزن رسوم الأشباح وألوان الغيوم وخطوط الأغصان ولكنه لا يجد ممراً يسير فيه جدولاً مترنماً إلى البحر.
هكذا كانت حياتي  ..  فتلك السنة هي من ماضيّ بمقام القمة من الجبل، لأنها أوقفتني متأملاً تجاه هذا العالم، وأرتني سبل البشر، ومروج أميالهم، وعقبات متاعبهم وكهوف شرائعهم وتقاليدهم.
في تلك السنة ولدت ثانية والمرء إن لم تحبل به الكآبة ويتمحض به اليأس، وتضعه المحبة في مهد الأحلام، تظل حياته كصفحة خالية بيضاء في كتاب الكيان.

بقلم جبران خليل جبران