Archive for 9 أفريل, 2006

أسطورة الجنون

أفريل 9, 2006
جاء في أسطورة فارسية قديمة, أن رجلاً صالحاً وجد في حقله صندوقاً كبيراً مقفلاً مدفوناً تحت شجرة الكينا الضخمة
أتى بالصندوق إلى البيت محتاراً أيفتحه أم ينتظر أحداً ليأتي فيأخذه ؟ ولكن القفل بدا له شبه مفتوحاً, فقرر إلقاء نظرة إلى الداخل, وجد فيها لفافة ورقة قديمة جاء فيها " يظهر لنا أنك رجل صالح وحكيم, فلتسمع نصيحتي يا صديقي, سيأتي زمان فتنشف كل مياه الأرض, ولن تتبق قطرة واحدة في الأرجاء, فيسود العطش العظيم, تموت إثره ألوف الحيوانات والنباتات والبشر, وسينتهي بعد سنوان قاحلة طويلة برجوع المياه من مجاريها, لكنها ستكون ماء ميتة, من يشربها يصاب بالجنون, فكن حكيما أيها الرفيق وخذ بمقولتي, اجمع ما تستطيع من مياه النهر العذبة ما يكفيك لنهاية أيامك, ولتهنئ بطيب العيش وطول العمر وكامل العقل" أغلق الرجل الصندوق وهو لا يكاد يصدق ما قرأ. أمضى الرجل الصالح وقتاً طويلاً في جمع المياه وتخزينها, ملأ الجرار والبراميل .. وجاء اليوم الموعود
انتهت الأنهار عن الجريان وتوقفت المياه عن التدفق وساد القحط العظيم … لسنوات وسنوات .. امتلأت الأرض بالجثث وذبل كل شيء, وانصعق الناس … لكن الرجل كان ثابتاً يشرب من المخزون
وبعد وقت طويل, عادت المياه إلى الوجود والأنهار إلى الجريان. فرح الناس ولم يستمع أحد إلى تحذيرات الرجل الصالح أن شاربو هذه المياه تحل عليهم لعنتها. شربوا وشربوا حتى ارتووا .. فجنوا
جن الجيران والأقارب وأهل القرية جميعهم وكذلك ساكنوا القرى المجاورة والغير مجاورة . جن كل الناس .. وبقي الرجل الصالح العاقل الوحيد في الوجود
لكن الناس جميعهم كانوا يتهمونه بالجنون .. فكيف يمكن للجميع أن يجنوا ولرجل واحد فقط أن يكون عاقلاً وصادقاً فيما يدعيه !؟
مر وقت على هذا الحال, إلى أن لم يطق الرجل صبراً … فذهب للنهر .. وشرب من المياه …. وجن وعاد في نظر الجميع عاقلاً حكيماً