Archive for 1 مارس, 2008

لحظة تأثر

مارس 1, 2008

 

صباحٌ باكر، ككل يوم روتيني أنزل إلى العمل بنشاط.
قبل خروجي، بسرعة أعرّج على المكتبة الكبيرة في الممر أمام غرفتي لأستلّ كتاباً جديداً أقتل به ساعةً من اللافعل أثناء ركوبي الميترو والحافلة.
ولوقت لا يعطيني الفرصة المناسبة والوقت الكافي للاختيار والتفكير المطوّل، سحبت يدايا كتاباً ختمته قبلُ ثلاث مرّات، وأعتقد أنني بعدُ سأقرؤه خمسين مرّة. وكان الكتاب "عبادات المؤمن" لعمرو خالد.
وككلّ مرّة، أتأثر به من جديد وأبكي مع كلماته من جديد لكأنها المرة الأولى التي يتفكر قلبي بكلماته.
أخفضت صوتي وأنزل عيوني لألا أثير فضول الراكبين الذين لا شغل لهم في قطار مزدحم إلا النظر على من حولهم، وانتقادهم والتفكر في قسمات وجوههم لكل تلك المدة المقتولة في الطريق.
وصلت محطتي، واستقلت الحافلة .. وبنهم جديد فتحت الكتاب وخرجت من عالم الناس من جديد. وبعد مرور برهة رفعت عيني لأنظر حولي وأحسب –وهذا ما أتقنته في الفترة الأخيرة- كم كلمة سأقرأ بعد إلى أن أصل إلى عملي.. ورأيت الوجوه المتجهة حولي بكل بلادة، كل أولئك الناس لا يفقهون، كل أولئك لا يشغلهم إلا أنفسهم والدنيا، سبحان الله الذي كرّمني بالإسلام وتوّج رأسي به .. أكل أولئك الناس سيلاقون نهايتهم في هذا الانغماس بملذات الدنيا ؟
ثم نظرت لامرأة جلست بجانبي، بدا وجهها مصفرّاً ومتأثّراً .. وصليبٌ ذهبي يزيّن صدرها العاري… كدت أكمل تفكيري كذلك حول هذه المرأة ومصيرها بعد الموت، إلا أن عينايا تحولتا إلى الكتاب الذي تقرأ …….. "أبانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. لتـكن مشيئتك؛ كما في السماء، كذلك على الأرض. خبزنا كفافنا؛ أعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا. ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير. لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد. آمين" ولم أستطع أن أحوّل ناظري عن الكلمات إلى أن أتممتها، برغم أنني أحفظ هذه الصلاة عن ظهر غيب ……… اعترتني الرعشة … نظرت إلى عينيها …. رأيتها متأثرة وترمقني وكتابي كذلك. ثم تلاقت أعيننا ……
في هذا الصباح من يوم عادي ككل يوم، في حافلة مليئة بالناس المتوجهين إلى أعمالهم .. والروتين نفسه …….
 
وصلت إلى عملي .. بدّلت ثيابي وانخرطت في جدول أعمالي.
وبقيت ذكرى ذاك اللقاء محفورة في قلبي.